سجّلت شركة “تايوان لصناعة أشباه الموصلات” (TSMC)، أكبر شركة تصنيع رقائق في العالم والمورّد الرئيسي لكبرى شركات التكنولوجيا مثل آبل وإنفيديا، ارتفاعاً كبيراً في إيراداتها خلال شهر أبريل 2025، بنسبة بلغت 48% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتصل إلى 349.6 مليار دولار تايواني جديد، أي ما يعادل 11.6 مليار دولار أميركي.
طلب عالمي مرن رغم التوترات التجارية
يأتي هذا النمو اللافت في ظل استمرار تصاعد التوترات التجارية العالمية، وخصوصاً بين الولايات المتحدة والصين، حيث تسعى شركات التكنولوجيا لتأمين احتياجاتها الاستراتيجية من الرقائق الإلكترونية قبل دخول رسوم جمركية أو قيود جديدة حيّز التنفيذ.
وبحسب وكالة “بلومبرغ”، فإن هذه الأرقام تؤكد أن الطلب على الرقائق المتقدمة، بما في ذلك تلك المخصصة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة، لا يزال يتمتع بمرونة عالية، رغم الأجواء الجيوسياسية الضبابية. وتُعد رقائق شركة “نفيديا” المستخدمة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي من أبرز المنتجات التي تواصل جذب الطلب العالمي، وهو ما يُعزّز موقع TSMC كلاعب مركزي في سلاسل الإمداد التكنولوجي.
التوقعات تشير إلى أرباح فصلية قوية
يتوقّع محللون أن تسجل TSMC نمواً بنسبة 38% في أرباحها خلال الربع الثاني من العام، ما يُعزّز الآمال في أن تستمر موجة الانتعاش في قطاع أشباه الموصلات، خاصة مع التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي وتزايد الاعتماد على الحوسبة السحابية ومراكز البيانات.
تقلبات العملة تضغط على هوامش الربح
ورغم هذه النتائج الإيجابية، فإن الشركة تواجه تحدياً محتملاً يتمثل في ارتفاع قيمة الدولار التايواني، الذي قد يُقوّض هوامش أرباحها. إذ كشفت TSMC سابقاً أن كل ارتفاع بنسبة 1% في قيمة العملة المحلية يؤدي إلى انخفاض نسبته 0.4% في أرباح التشغيل، نظراً لأن معظم أعمالها وعقودها تتم بالدولار الأميركي.
تعديلات في السياسات الأميركية.. فرصة مؤقتة؟
من جهة أخرى، أقدمت الإدارة الأميركية الجديدة على تخفيف بعض القيود المفروضة على صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي، والتي كانت قد فُرضت خلال عهد الرئيس جو بايدن، في محاولة لإعادة تقييم السياسات التجارية المرتبطة بأشباه الموصلات. وتُعد هذه الخطوة بمثابة فرصة مؤقتة لشركة TSMC لتعزيز مكانتها في السوق الأميركية، رغم أن الإدارة الحالية تسعى حالياً إلى صياغة إطار تنظيمي جديد قائم على مفاوضات مباشرة مع الدول، بدلاً من العقوبات أحادية الجانب.
TSMC.. مرآة الاقتصاد التكنولوجي العالمي
تُعتبر TSMC بمثابة مؤشر رئيسي لحجم الإنفاق في صناعة التكنولوجيا حول العالم، نظراً لدورها المحوري في سلاسل الإمداد الخاصة بالرقائق. ويشير هذا النمو القوي في مبيعاتها إلى أن قطاعات مثل تصنيع الهواتف الذكية، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، لا تزال تُظهر زخماً رغم كل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية.